مع تطور التكنولوجيا وتسارع التحول الرقمي، بدأ الذكاء الاصطناعي (AI) يفرض نفسه في مختلف المجالات، ومنها القطاع القانوني. أصبح بإمكان أدوات الذكاء الاصطناعي تحليل العقود، تقديم توصيات قانونية، وحتى التنبؤ بنتائج القضايا بناءً على بيانات سابقة.
لكن يبرز هنا سؤال جوهري: هل تقبل المحاكم السعودية التحليل الآلي كدليل قانوني؟ وهل يمكن الوثوق بتقنية تعتمد على الخوارزميات في المسائل القضائية؟
في هذا المقال، نستعرض واقع استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني، وحدود قبوله أمام القضاء في السعودية.
أولًا: ما هو الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني؟
هو استخدام أنظمة حاسوبية ذكية قادرة على معالجة كمّ هائل من النصوص والبيانات القانونية، بهدف:
تحليل العقود تلقائيًا
تصنيف القضايا حسب نوعها ونقاط النزاع
التنبؤ بنتائج القضايا بناءً على سوابق قضائية
تقديم توصيات قانونية مبدئية
أتمتة إجراءات قانونية مثل التوثيق، الإنذارات، الصياغات القانونية...
أشهر الأمثلة: أدوات مثل ChatGPT، Legal Robot، DoNotPay، وغيرها.
ثانيًا: موقف النظام القضائي في السعودية
حتى الآن، لا توجد نصوص قانونية صريحة في السعودية تجيز أو تمنع استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة قانونية. لكن هناك توجه واضح نحو التحول الرقمي في القضاء عبر:
بوابة ناجز
الربط الإلكتروني بين الجهات
الأرشفة والتحليل الذكي للأحكام
استخدام أدوات تصنيف القضايا إلكترونيًا
هذا لا يعني قبول نتائج الذكاء الاصطناعي كأدلة قطعية، لكنها قد تُستخدم كأداة مساعدة للإعداد والمرافعة، وليس للحكم.
ثالثًا: هل تقبل المحاكم السعودية التحليل الآلي كدليل؟
بشكل عام، المحاكم تعتمد على:
الأدلة القانونية الملموسة (عقود، شهود، بينات)
الإثبات الشرعي والنظامي
تقارير الخبراء المعتمدين رسميًا
لذا:
لا يُقبل التحليل الصادر من أداة ذكاء اصطناعي كـ دليل مستقل.
لكن يمكن استخدامه لدعم الحجة أو تنظيم الملف أو تقديم تصور مبدئي.
مثال: إذا استخدم المحامي أداة ذكاء اصطناعي لتحليل نص العقد وتحديد نقاط الخلل، يمكنه توظيف النتائج في مذكرته القضائية، لكن تبقى مسؤوليته في التدقيق والتفسير النهائي.
رابعًا: تحديات قانونية في استخدام الذكاء الاصطناعي
غياب المسؤولية القانونية الواضحة: من المسؤول عن خطأ الأداة؟
عدم الاعتراف القانوني بنتائج البرامج الذكية حتى الآن.
إمكانية التحيّز في التحليل بسبب تغذية بيانات غير دقيقة.
انتهاك الخصوصية إذا استُخدمت بيانات دون إذن قانوني.
ضعف الثقة في القرارات الآلية أمام القاضي أو الأطراف.
خامسًا: مستقبل الذكاء الاصطناعي في المحاماة والقضاء
مع الاتجاهات الحديثة، يُتوقع أن:
يتم تقنين استخدام الذكاء الاصطناعي قانونيًا في السعودية خلال السنوات القادمة.
تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في تصنيف القضايا وإعداد الوثائق وتقدير مدد التقاضي.
لا يحل الذكاء الاصطناعي محل المحامي أو القاضي، بل يكون أداة دعم ذكية.
دور المحامي في ظل الذكاء الاصطناعي
رغم كل ما يوفره الذكاء الاصطناعي من سرعة وتحليل، يبقى المحامي هو:
المسؤول عن التفسير القانوني النهائي
صاحب الاجتهاد المهني أمام المحكمة
القادر على بناء استراتيجية قانونية متكاملة تتجاوز التحليل الآلي
لذلك، يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي فرصة للمحامين لاختصار الوقت والجهد، وليس بديلاً عن مهاراتهم.
خلاصة قانونية:
حتى اليوم، لا يُعتد بتحليل الذكاء الاصطناعي كدليل قانوني مستقل أمام المحاكم السعودية، لكنه يمثل أداة مفيدة في التحضير القانوني والتنظيم والتحليل الأولي.
ويُتوقع أن يكون له دور أكبر في المستقبل مع تقنين استخدامه وإصدار اللوائح المنظمة له.
خدماتنا القانونية الذكية:
في عدل قاف ، ندمج بين الخبرة القانونية والوسائل الذكية الحديثة لتقديم خدمات:
تحليل العقود إلكترونيًا
تجهيز المذكرات القانونية بأدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي
تقديم استشارات قانونية دقيقة مدعومة ببيانات وسوابق قضائية
تواصل معنا لتحصل على استشارة تجمع بين الذكاء البشري والاصطناعي.