مقدمة
وقد أولت المملكة العربية السعودية اهتماماً بالغاً بمكافحة هذه الآفة من خلال وضع تشريعات صارمة وعقوبات رادعة تهدف إلى حماية المجتمع من مخاطر المخدرات وتأثيراتها السلبية على الفرد والمجتمع.
تُمثل هذه "جريمة" تحدياً كبيراً للأمن الاجتماعي والصحة العامة، حيث تؤثر على الشباب والأسر والمجتمع بأكمله. لذلك، جاء نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية السعودي ليشكل حجر الأساس في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
يهدف هذا المقال إلى تقديم فهم شامل وعميق لعقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي في المملكة العربية السعودية، من خلال استعراض النصوص القانونية، والعقوبات المفروضة، والإجراءات القضائية، والتطورات الحديثة في التشريعات ذات الصلة.
الإطار القانوني لمكافحة المخدرات في السعودية
نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية
يُعتبر نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الإطار القانوني الأساسي الذي ينظم التعامل مع "جريمة" حيازة المخدرات في المملكة. صدر هذا النظام بموجب المرسوم الملكي رقم (م/39) وتاريخ 8/7/1426هـ، وقد خضع لعدة تعديلات مهمة كان آخرها في عام 1443هـ.
يهدف هذا النظام إلى تحقيق عدة أهداف أساسية:
- الحماية الاجتماعية: حماية المجتمع من مخاطر انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية
- الردع العام: وضع عقوبات رادعة تمنع الأفراد من ارتكاب هذه "جريمة"
- التأهيل والعلاج: التركيز على إعادة تأهيل المدمنين وعلاجهم
- التنسيق الدولي: التعاون مع الدول الأخرى لمكافحة تهريب المخدرات
اللائحة التنفيذية للنظام
تُكمل اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الإطار القانوني من خلال تحديد الإجراءات التفصيلية والضوابط العملية لتطبيق النظام. تُنظم هذه اللائحة جوانب مهمة مثل:
- ضوابط الترخيص للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية للأغراض الطبية
- إجراءات التحقيق والضبط
- أساليب العلاج والتأهيل
- التنسيق بين الجهات المختصة
تعريف حيازة المخدرات بقصد التعاطي

المفهوم القانوني للحيازة
تُعرف "جريمة" حيازة المخدرات بقصد التعاطي بأنها امتلاك أو إخفاء أو حفظ المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية بهدف استخدامها شخصياً للتعاطي. وتتطلب هذه "جريمة" توفر عنصرين أساسيين:
- العنصر المادي: الحيازة الفعلية للمادة المخدرة
- العنصر المعنوي: القصد الجنائي المتمثل في النية لاستخدام هذه المواد للتعاطي
التمييز بين الحيازة للتعاطي والحيازة للاتجار
يُميز النظام السعودي بوضوح بين نوعين من "جريمة" حيازة المخدرات:
حيازة المخدرات بقصد التعاطي: وهي موضوع هذا المقال، وتشمل الحيازة للاستعمال الشخصي فقط.
حيازة المخدرات بقصد الاتجار: وهي "جريمة" أشد خطورة تتضمن الحيازة بهدف البيع أو التوزيع أو الترويج، وتحمل عقوبات أكثر صرامة.
العقوبات المفروضة على حيازة المخدرات بقصد التعاطي
عقوبة المرة الأولى
وفقاً للمادة 41 من نظام مكافحة المخدرات، تُحدد عقوبة "جريمة" حيازة المخدرات بقصد التعاطي للمرة الأولى كالتالي:
- السجن: مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين
- الغرامة المالية: حسب تقدير المحكمة
- المصادرة: مصادرة المواد المخدرة المضبوطة
تُعتبر هذه العقوبات متوازنة نسبياً مقارنة بجرائم الاتجار، حيث يُراعي النظام السعودي طبيعة هذه "جريمة" كونها تتعلق بالاستخدام الشخصي وليس بالتجارة.
عقوبة التكرار
في حالة تكرار "جريمة" حيازة المخدرات بقصد التعاطي، تُشدد العقوبات وفقاً للمادة 38 من النظام:
- السجن: مدة تتراوح بين سنتين إلى خمس سنوات
- الجلد: بحد أقصى 50 جلدة في كل مرة
- الغرامة المالية: تتراوح بين 3000 ريال إلى 30,000 ريال
العقوبات الإضافية
قد تُفرض عقوبات إضافية في حالات معينة:
- المنع من السفر: في بعض الحالات
- المتابعة الطبية الإجبارية: برامج العلاج وإعادة التأهيل
- الخدمة المجتمعية: في بعض الأحكام البديلة